فصل: فَصْلٌ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: شرح المحلي على المنهاج



. فَصْلٌ:

(قَالَ هِنْدٌ بِنْتِي أَوْ أُخْتِي بِرَضَاعٍ أَوْ قَالَتْ هُوَ أَخِي) أَوْ ابْنِي بِرَضَاعٍ (حُرِّمَ تَنَاكُحُهُمَا) مُؤَاخَذَةً لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِإِقْرَارٍ بِشَرْطِ الْإِمْكَانِ فَلَوْ قَالَ فُلَانَةُ بِنْتِي وَهِيَ أَكْبَرُ سِنًّا مِنْهُ فَلَغْوٌ (وَلَوْ قَالَ: زَوْجَانِ بَيْنَنَا رَضَاعٌ مُحَرِّمٌ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا) عَمَلًا بِقَوْلِهِمَا (وَسَقَطَ الْمُسَمَّى وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ إنْ وَطِئَ) وَإِنْ لَمْ يَطَأْ فَلَا يَجِبُ شَيْءٌ (وَإِنْ ادَّعَى رَضَاعًا فَأَنْكَرَتْ انْفَسَخَ) النِّكَاحُ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِقَوْلِهِ، (وَلَهَا الْمُسَمَّى إنْ وَطِئَ وَإِلَّا فَنِصْفُهُ) وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ عَلَيْهَا وَلَهُ تَحْلِيفُهَا قَبْلَ الْوَطْءِ، وَكَذَا بَعْدَهُ إنْ كَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ أَقَلَّ مِنْ الْمُسَمَّى، فَإِنْ نَكَلَتْ حَلَفَ هُوَ وَلَزِمَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ بَعْدَ الْوَطْءِ وَلَا شَيْءَ قَبْلَهُ، (وَإِنْ ادَّعَتْهُ) أَيْ الرَّضَاعَ (فَأَنْكَرَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إنْ زُوِّجَتْ بِرِضَاهَا). مِنْهُ لِتَضَمُّنِ رِضَاهَا الْإِقْرَارَ بِحِلِّهِ لَهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ زَوَّجَهَا الْمُجْبِرُ (فَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُهَا) بِيَمِينِهَا وَالثَّانِي يُصَدَّقُ هُوَ بِيَمِينِهِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ تُمَكِّنْهُ فَإِنْ مَكَّنَتْهُ فَكَمَا لَوْ رَضِيَتْ، (وَلَهَا) فِي الصُّورَتَيْنِ (مَهْرُ مِثْلٍ إنْ وَطِئَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهَا) عَمَلًا بِقَوْلِهَا فِيمَا لَا تَسْتَحِقُّهُ وَالْوَرَعُ لِلزَّوْجِ، فِيمَا إذَا ادَّعَتْ الرَّضَاعَ أَنْ يَدَعَ نِكَاحَهَا بِطَلْقَةٍ لِتَحِلَّ لِغَيْرِهِ إنْ كَانَتْ كَاذِبَةً، (وَيَحْلِفُ مُنْكِرُ رَضَاعٍ عَلَى نَفْيِ عِلْمِهِ وَمُدَّعِيهِ عَلَى بَتٍّ) رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً لِأَنَّ الْإِرْضَاعَ فِعْلُ الْغَيْرِ وَفِعْلُ الْغَيْرِ يَحْلِفُ مُدَّعِيهِ عَلَى الْبَتِّ وَمُنْكِرُهُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ كَمَا سَيَأْتِي فِي مَحَلِّهِ، وَلَوْ نَكَلَ الْمُنْكِرُ أَوْ الْمُدَّعِي عَنْ الْيَمِينِ وَرُدَّتْ عَلَى الْآخَرِ حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ.
(وَيَثْبُتُ) الرَّضَاعُ (بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَبِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ) لِاخْتِصَاصِ النِّسَاءِ بِالِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ غَالِبًا كَالْوِلَادَةِ وَكُلُّ ثِنْتَيْنِ بِرَجُلٍ وَمَا يُقْبَلُ فِيهِ النِّسَاءُ يَقْبَلُ فِيهِ الرِّجَالُ وَالنَّوْعَانِ، (وَالْإِقْرَارُ بِهِ شَرْطُهُ رَجُلَانِ) لِأَنَّهُ مِمَّا يَطْلُعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا (وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُرْضِعَةِ إنْ لَمْ تَطْلُبْ أُجْرَةً) عَنْ الرَّضَاعِ (وَلَا ذَكَرَتْ فِعْلَهَا) كَأَنْ شَهِدَتْ بِأَنَّ بَيْنَهُمَا رَضَاعًا بِوَصْفِهِ الْآتِي، (وَكَذَا إنْ ذَكَرَتْهُ فَقَالَتْ أَرْضَعْته) أَوْ أَرْضَعْتهَا بِالْوَصْفِ الْآتِي (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهَا غَيْرُ مُتَّهَمَةٍ فِي ذَلِكَ، وَالثَّانِي لَا يُقْبَلُ ذِكْرُهَا فِعْلَ نَفْسِهَا كَمَا لَوْ شَهِدَتْ بِوِلَادَتِهَا وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِاتِّهَامِهَا فِي الْوِلَادَةِ إذْ يَتَعَلَّقُ بِهَا النَّفَقَةُ وَالْمِيرَاثُ وَسُقُوطُ الْقِصَاصِ، أَمَّا إذَا طَلَبَتْ أُجْرَةَ الرَّضَاعِ فَلَا تُقْبَلُ لِاتِّهَامِهَا بِذَلِكَ، (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَكْفِي) فِي الشَّهَادَةِ أَنْ يُقَالَ (بَيْنَهُمَا رَضَاعٌ مُحَرِّمٌ) لِاخْتِلَافِ الْمَذَاهِبِ فِي شُرُوطِ التَّحْرِيمِ (بَلْ يَجِبُ ذِكْرُ وَقْتٍ) لِلرَّضَاعِ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ (وَعَدَدٍ) لِلرَّضَعَاتِ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا دُونَ خَمْسٍ، (وَوُصُولُ اللَّبَنِ جَوْفَهُ وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِمُشَاهَدَةِ حَلَبٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ، (وَإِيجَارٌ وَازْدِرَادٍ أَوْ قَرَائِنَ كَالْتِقَامِ ثَدْيٍ وَمَصِّهِ وَحَرَكَةِ حَلْقِهِ بِتَجَرُّعٍ وَازْدِرَادٍ بَعْدَ عِلْمِهِ أَنَّهَا لَبُونٌ) فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ اللَّبَنِ وَقِيلَ يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ أَخْذًا بِظَاهِرِ الْحَالِ، وَلَا يَكْفِي فِي أَدَاءِ الشَّهَادَةِ ذِكْرُ الْقَرَائِنِ بَلْ يَعْتَمِدُهَا، وَيَجْزِمُ بِالشَّهَادَةِ. وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّهُ يَكْفِي بَيْنَهُمَا رَضَاعٌ مُحَرِّمٌ، قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ يَكْفِي ذَلِكَ مِنْ الْفَقِيهِ الْعَارِفِ أَيْ بِالرَّضَاعِ الْمُحَرِّمِ، وَلَا يَكْفِي مِنْ غَيْرِهِ وَقَدْ سَبَقَ فِي الْأَخْبَارِ بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ، وَالْإِقْرَارُ بِالرَّضَاعِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّعَرُّضُ لِلشُّرُوطِ مِنْ الْفَقِيهِ، وَيُشْتَرَطُ مِنْ غَيْرِهِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ بِنَاءً عَلَى اشْتِرَاطِهِ فِي الشَّهَادَةِ، وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ لِأَنَّ الْمُقِرَّ لَا يَحْتَاجُ فَلَا يُقِرُّ إلَّا عَنْ تَحْقِيقٍ وَفِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ الْمُطْلَقَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالرَّضَاعِ وَجْهَانِ تَبَعًا لَهُ.

. كتاب النفقات:

جَمْعُ نَفَقَةٍ وَأَسْبَابُ وُجُوبِهَا ثَلَاثَةٌ مِلْكُ النِّكَاحِ وَمِلْكُ الْيَمِينِ وَقَرَابَةُ الْبَعْضِيَّةِ وَسَتَأْتِي وَبَدَأَ بِأَوَّلِهَا فَقَالَ (عَلَى مُوسِرٍ لِزَوْجَتِهِ كُلَّ يَوْمِ مُدُّ طَعَامٍ وَمُعْسِرٍ مُدٌّ وَمُتَوَسِّطٍ مُدٌّ وَنِصْفُ) وَاحْتَجَّ الْأَصْحَابُ لِأَصْلِ التَّفَاوُتِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} الْآيَةَ وَاعْتَبَرُوا النَّفَقَةَ بِالْكَفَّارَةِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَالٌ يَجِبُ بِالشَّرْعِ وَيَسْتَقِرُّ فِي الذِّمَّةِ، وَأَكْثَرُ مَا وَجَبَ فِي الْكَفَّارَةِ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدَّانِ وَذَلِكَ فِي كَفَّارَةِ الْأَذَى فِي الْحَجِّ وَأَقَلُّ مَا وَجَبَ فِيهَا لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ وَذَلِكَ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَالظِّهَارِ وَوِقَاعِ رَمَضَانَ فَأَوْجَبُوا عَلَى الْمُوسِرِ الْأَكْثَرُ وَعَلَى الْمُعْسِرِ الْأَقَلَّ، وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ مَا بَيْنَهُمَا كَمَا تَقَدَّمَ يَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الزَّوْجَةُ الْمُسْلِمَةُ وَالذِّمِّيَّةُ وَالْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ وَلَا يُعْتَبَرُ حَالُ الْمَرْأَةِ فِي شَرَفِهَا وَغَيْرِهِ، وَلَا يُعْتَبَرُ كِفَايَتُهَا كَنَفَقَةِ الْقَرِيبِ لِأَنَّهَا تَسْتَحِقُّهَا أَيَّامَ مَرَضِهَا وَشِبَعِهَا، (وَالْمُدُّ مِائَةٌ وَثَلَاثَةٌ وَسَبْعُونَ دِرْهَمًا وَثُلُثُ دِرْهَمٍ) لِأَنَّهُ رَطْلٌ وَثُلُثٌ بَغْدَادِيٌّ وَرَطْلُ بَغْدَادَ مِائَةٌ وَثَلَاثُونَ دِرْهَمًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي زَكَاةِ النَّبَاتِ. (قُلْت الْأَصَحُّ مِائَةٌ وَأَحَدٌ وَسَبْعُونَ وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) بِنَاءً عَلَى مَا رَجَّحَهُ هُنَاكَ مِنْ أَنَّ الرَّطْلَ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ، (وَمِسْكِينُ الزَّكَاةِ) وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قِسْمِ الصَّدَقَاتِ أَنَّهُ مَنْ قَدَرَ عَلَى مَالٍ أَوْ كَسْبٍ يَقَعُ مَوْقِعًا مِنْ كِفَايَتِهِ وَلَا يَكْفِيهِ، (مُعْسِرٌ وَمَنْ فَوْقَهُ إنْ كَانَ لَوْ كُلِّفَ مُدَّيْنِ رَجَعَ مِسْكَيْنَا فَمُتَوَسِّطٌ وَإِلَّا فَمُوسِرٌ) وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِالرُّخْصِ وَالْغَلَاءِ وَقِيلَ الْمُوسِرُ مَنْ يَزِيدُ دَخْلُهُ عَلَى خَرْجِهِ، وَالْمُعْسِرُ عَكْسُهُ وَالْمُتَوَسِّطُ مَنْ اسْتَوَى دَخْلُهُ وَخَرْجُهُ وَقِيلَ يُرْجَعُ فِي الثَّلَاثَةِ إلَى الْعَادَةِ وَتَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ وَالْبِلَادِ.
(فَرْعٌ): الْعَبْدُ لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا نَفَقَةُ الْمُعْسِرِ وَكَذَا الْمُكَاتَبُ وَالْمُبَعَّضُ، وَإِنْ كَثُرَ مَالُهَا وَلِضِعْفِ مِلْكِ الْمُكَاتَبِ وَنَقْصِ حَالِ الْآخَرِ، (وَالْوَاجِبُ غَالِبُ قُوتِ الْبَلَدِ) مِنْ الْحِنْطَةِ وَغَيْرِهَا، (قُلْت فَإِنْ اخْتَلَفَ) غَالِبُ قُوتِ الْبَلَدِ أَوْ قُوتِهَا مِنْ غَيْرِ غَالِبٍ، (وَجَبَ لَائِقٌ بِهِ) أَيْ بِالزَّوْجِ (وَيُعْتَبَرُ الْيَسَارُ وَغَيْرُهُ طُلُوعَ الْفَجْرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّهُ الْوَقْتُ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ التَّسْلِيمُ، فَالْمُوسِرُ حِينَئِذٍ عَلَيْهِ نَفَقَةُ الْيَسَارِ، وَإِنْ أَعْسَرَ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ وَالْمُعْسِرُ بِعَكْسِهِ. ذَكَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (وَعَلَيْهِ تَمْلِيكُهَا حَبًّا) كَالْكَفَّارَةِ (وَكَذَا) عَلَيْهِ (طَحْنُهُ وَخَبْزُهُ فِي الْأَصَحِّ) لِلْحَاجَةِ إلَيْهِمَا وَالثَّانِي لَا كَالْكَفَّارَةِ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهَا فِي حَبْسِهِ وَالثَّالِثُ إنْ كَانَتْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى الَّذِينَ عَادَتُهُمْ الطَّحْنُ وَالْخَبْزُ بِأَنْفُسِهِمْ، فَلَا وَإِلَّا فَنَعَمْ (وَلَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا بَدَلَ الْحَبِّ) مِنْ خُبْزٍ أَوْ غَيْرِهِ أَيْ طَلَبَتْهُ هِيَ أَوْ بَذَلَهُ هُوَ بِالْمُعْجَمَةِ، (لَمْ يُجْبَرْ الْمُمْتَنِعُ) مِنْهُمَا (فَإِنْ اعْتَاضَتْ) عَنْهُ شَيْئًا (جَازَ فِي الْأَصَحِّ إلَّا خُبْزًا وَدَقِيقًا)، فَلَا يَجُوزُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) أَمَّا الْجَوَازُ فِي غَيْرِهِمَا كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالثِّيَابِ فَلِأَنَّهُ اعْتِيَاضٌ عَنْ طَعَامٍ مُسْتَقِرٍّ فِي الذِّمَّةِ لِمُعَيَّنٍ، كَالِاعْتِيَاضِ عَنْ الطَّعَامِ الْمَغْصُوبِ الْمُتْلَفِ وَوَجْهُ الْمَنْعِ الْقِيَاسُ عَلَى الْمُسَلَّمِ فِيهِ وَالْكَفَّارَةِ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُمَا قَبْلَ قَبْضِهِمَا وَانْفَصَلَ الْأَوَّلُ فِي قِيَاسِهِ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمُسَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ وَطَعَامُ الْكَفَّارَةِ. لَا يَسْتَقِرُّ لِمُعَيَّنٍ وَأَمَّا الْجَوَازُ فِي الْخُبْزِ وَالدَّقِيقِ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْبَغَوِيُّ، فَلِأَنَّهَا تَسْتَحِقُّ الْحَبَّ وَالْإِصْلَاحَ وَقَدْ فَعَلَهُ، فَإِذَا أَخَذَتْ مَا ذَكَرَ فَقَدْ أَخَذَتْ حَقَّهَا لَا عِوَضَهُ، وَرَجَّحَ الْعِرَاقِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ، مِنْ الْوَجْهَيْنِ فِي ذَلِكَ الْمَنْعَ لِأَنَّهُ رِبًا، هَذَا كُلُّهُ فِي الِاعْتِيَاضِ عَنْ النَّفَقَةِ الْمَاضِيَةِ الْحَالِيَّةِ، وَأَمَّا الْمُسْتَقْبَلَةُ فَلَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهَا قَطْعًا وَلَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ مِنْ غَيْرِ الزَّوْجِ قَطْعًا، (وَلَوْ أَكَلَتْ مَعَهُ كَالْعَادَةِ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا فِي الْأَصَحِّ) لِاكْتِفَاءِ الزَّوْجَاتِ بِهِ فِي الْأَعْصَارِ وَالْأَمْصَارِ، وَجَرَيَانِ النَّاسِ عَلَيْهِ فِيهَا وَالثَّانِي لَا تَسْقُطُ، لِأَنَّهُ لَمْ يُؤَدِّ الْوَاجِبَ، وَتَطَوَّعَ بِغَيْرِهِ (قُلْت إلَّا أَنْ تَكُونَ غَيْرَ رَشِيدَةٍ وَلَمْ يَأْذَنْ وَلِيُّهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) فِي أَكْلِهَا مَعَهُ فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ لَا تَسْقُطُ عَنْهُ جَزْمًا، كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَذِنَ الْوَلِيُّ فَفِيهِ الْخِلَافُ. قَالَ: وَلْيَكُنْ السُّقُوطُ مُفَرَّعًا عَلَى جَوَازِ اعْتِيَاضِ الْخُبْزِ، وَأَنْ يُجْعَلَ مَا جَرَى قَائِمًا مَقَامَ الِاعْتِيَاضِ يَعْنِي إنْ لَمْ يُلَاحَظْ مَا جَرَى عَلَيْهِ النَّاسُ فِي الْأَعْصَارِ كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَيَجِبُ أُدْمُ غَالِبِ الْبَلَدِ كَزَيْتٍ وَسَمْنٍ وَجُبْنٍ وَتَمْرٍ) وَخَلٍّ (وَيَخْتَلِفُ بِالْفُصُولِ)، فَيَجِبُ فِي كُلِّ فَصْلٍ مَا يُنَاسِبُهُ (وَيُقَدِّرُهُ قَاضٍ بِاجْتِهَادٍ وَيُفَاوِتُ) فِي قَدْرِهِ (بَيْنَ مُوسِرٍ وَغَيْرِهِ)، فَيَنْظُرُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمَدُّ فَيَفْرِضُهُ عَلَى الْمُعْسِرِ، وَضِعْفُهُ عَلَى الْمُوسِرِ وَمَا بَيْنَهُمَا عَلَى الْمُتَوَسِّطِ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ مَكِيلَةِ زَيْتٍ أَوْ سَمْنٍ أَيْ: أُوقِيَّةٍ فَتَقْرِيبٌ (وَ) يَجِبُ (لَحْمٌ يَلِيقُ بِيَسَارِهِ، وَإِعْسَارِهِ كَعَادَةِ الْبَلَدِ). وَمَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ رَطْلِ لَحْمٍ فِي الْأُسْبُوعِ الَّذِي حُمِلَ عَلَى الْمُعْسِرِ، وَجُعِلَ بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ عَلَى الْمُوسِرِ رَطْلَانِ وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ رِطْلٌ وَنِصْفٌ، وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِأَنَّهُ أَوْلَى بِالتَّوَسُّعِ فِيهِ مَحْمُولٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ عَلَى مَا كَانَ أَيَّامُهُ بِمِصْرِ مِنْ قِلَّةِ اللَّحْمِ فِيهَا، وَيُزَادُ بَعْدَهَا بِحَسَبِ عَادَةِ الْبَلَدِ، وَقَالَ الْبَغَوِيُّ يَجِبُ فِي وَقْتِ الرُّخْصِ رَطْلٌ عَلَى الْمُوسِرِ كُلَّ يَوْمٍ وَعَلَى الْمُعْسِرِ كُلَّ أُسْبُوعٍ، وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ كُلَّ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ وَفِي وَقْتِ الْغَلَاءِ فِي أَيَّامٍ مَرَّةً عَلَى مَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ الْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ. لَا مَزِيدَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ فِي جَمِيعِ الْبِلَادِ لِأَنَّ فِيهِ كِفَايَةً لِمَنْ قَنَعَ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ، وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ لَا يَجِبُ الْأُدْمُ فِي يَوْمِ اللَّحْمِ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ إذَا أَوْجَبْنَا عَلَى الْمُوسِرِ اللَّحْمَ كُلَّ يَوْمٍ يَلْزَمُهُ الْأُدْمُ أَيْضًا لِيَكُونَ أَحَدُهُمَا غَدَاءً وَالْآخَرُ عَشَاءً عَلَى الْعَادَةِ (وَلَوْ كَانَتْ تَأْكُلُ الْخُبْزَ وَحْدَهُ وَجَبَ الْأُدْمُ) وَلَا نَظَرَ إلَى عَادَتِهَا وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِهِ قَوْله تَعَالَى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} وَلَيْسَ مِنْ الْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ تَكْلِيفُهَا الصَّبْرَ عَلَى الْخُبْزِ وَحْدَهُ (وَكِسْوَةٌ) أَيْ وَعَلَى الزَّوْجِ كِسْوَةُ الزَّوْجَةِ. قَالَ تَعَالَى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (تَكْفِيهَا) أَيْ عَلَى قَدْرِ كِفَايَتِهَا، وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِطُولِهَا وَقِصَرِهَا وَهُزَالِهَا وَسِمَنِهَا وَبِاخْتِلَافِ الْبِلَادِ فِي الْحَرِّ وَالْبَرْدِ، وَلَا يَخْتَلِفُ عَدَدُ الْكِسْوَةِ بِيَسَارِ الزَّوْجِ وَإِعْسَارِهِ وَلَكِنَّهُمَا يُؤَثِّرَانِ فِي الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ (فَيَجِبُ قَمِيصٌ وَسَرَاوِيلُ وَخِمَارٌ) لِلرَّأْسِ (وَمِكْعَبٌ) أَوْ نَحْوُهُ يُدَاسُ فِيهِ هَذَا فِي كُلٍّ مِنْ فَصْلِ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ، كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا سَيَأْتِي أَنَّهَا تُعْطَى الْكِسْوَةَ أَوَّلَ شِتَاءٍ وَصَيْفٍ (وَتُزَادُ فِي الشِّتَاءِ) عَلَى ذَلِكَ (جُبَّةً) مَحْشُوَّةً أَوْ نَحْوَهَا لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ تَكْفِ لِشِدَّةِ الْبَرْدِ زِيدَ عَلَيْهَا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ وَقِيلَ لَا يَجِبُ السَّرَاوِيلُ فِي الصَّيْفِ وَفِي الْحَاوِي أَنَّ نِسَاءَ أَهْلِ الْقُرَى إذَا لَمْ تَجْرِ عَادَتُهُنَّ أَنْ يَلْبَسْنَ فِي أَرْجُلِهِنَّ شَيْئًا فِي الْبُيُوتِ لَمْ يَجِبْ لِأَرْجُلِهِنَّ شَيْءٌ. (وَجِنْسُهَا) أَيْ الْكِسْوَةِ (قُطْنٌ) فَتَكُونُ لِامْرَأَةِ الْمُوسِرِ مِنْ لَيِّنِهِ وَلِامْرَأَةِ الْمُعْسِرِ مِنْ غَلِيظِهِ وَلِامْرَأَةِ الْمُتَوَسِّطِ مِمَّا بَيْنَهُمَا (فَإِنْ جَرَتْ عَادَةُ الْبَلَدِ لِمِثْلِهِ) أَيْ الزَّوْجِ (بِكَتَّانٍ أَوْ حَرِيرٍ وَجَبَ فِي الْأَصَحِّ)، وَيُفَاوَتُ بَيْنَ الْمُوسِرِ وَالْمُعْسِرِ فِي مَرَاتِبِ ذَلِكَ الْجِنْسِ، وَالثَّانِي لَا يَجِبُ بَلْ يَكْفِي الِاقْتِصَارُ عَلَى الْقُطْنِ لِأَنَّ غَيْرَهُ رُعُونَةٌ (وَيَجِبُ مَا تَقْعُدُ عَلَيْهِ كَزِلِّيَّةٍ) بِكَسْرِ الزَّايِ أَيْ لِامْرَأَةِ الْمُتَوَسِّطِ (أَوْ لِبْدٌ) فِي الشِّتَاءِ (أَوْ حَصِيرٍ) فِي الصَّيْفِ كِلَاهُمَا لِامْرَأَةِ الْمُعْسِرِ، وَلِلْمُوسِرِ طَنْفَسَةٌ فِي الشِّتَاءِ وَنَطْعٌ فِي الصَّيْفِ (وَكَذَا فِرَاشٌ لِلنَّوْمِ فِي الْأَصَحِّ) فَيَجِبُ مَضْرَبَةٌ وَثِيرَةٌ أَوْ قَطِيفَةٌ. وَالثَّانِي لَا بَلْ تَنَامُ عَلَى مَا تَقْعُدُ عَلَيْهِ نَهَارًا (وَمِخَدَّةٌ وَلِحَافٌ) أَوْ نَحْوُهُ (فِي الشِّتَاءِ) فِي الْبِلَادِ الْبَارِدَةِ. وَذَكَرَ الْغَزَالِيُّ الْمِلْحَفَةَ أَيْ فِي الصَّيْفِ وَسَكَتَ غَيْرُهُ عَنْهَا، وَفِي الْبَحْرِ لَوْ كَانُوا لَا يَعْتَادُونَ فِي الصَّيْفِ لِنَوْمِهِمْ غِطَاءً غَيْرَ لِبَاسِهِمْ لَمْ يَلْزَمْ شَيْءٌ آخَرُ وَلْيَكُنْ مَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ لِامْرَأَةِ الْمُعْسِرِ مِنْ الْمُرْتَفِعِ، وَلِامْرَأَةِ الْمُعْسِرِ مِنْ النَّازِلِ وَلِامْرَأَةِ الْمُتَوَسِّطِ مِمَّا بَيْنَهُمَا (وَ) عَلَيْهِ (آلَةٌ تُنَظِّفُ كَمُشْطٍ وَدُهْنٌ) مِنْ زَيْتٍ أَوْ نَحْوِهِ (وَمَا يُغْسَلُ بِهِ الرَّأْسُ) مِنْ سِدْرٍ أَوْ نَحْوِهِ (وَمَرْتَكٌ وَنَحْوُهُ لِدَفْعِ صُنَانٍ) إذَا لَمْ يَنْقَطِعُ بِالْمَاءِ وَالتُّرَابِ (لَا كُحْلٌ وَخِضَابٌ وَمَا يَزِينُ) بِفَتْحِ الْيَاءِ غَيْرُ مَا ذَكَرَهُ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ فَإِنْ أَرَادَ الزِّينَةَ بِهِ هَيَّأَهُ لَهَا تَتَزَيَّنُ بِهِ.
(وَدَوَاءُ مَرَضٍ وَأُجْرَةُ طَبِيبٍ وَحَاجِمٌ)، وَفَاصِدٌ فَلَا يَجِبُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لِحِفْظِ الْبَدَنِ (وَلَهَا طَعَامُ أَيَّامِ الْمَرَضِ وَأُدْمُهَا) وَصُرِفَ ذَلِكَ إلَى الدَّوَاءِ وَنَحْوِهِ، (وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ أُجْرَةِ حَمَّامٍ بِحَسَبِ الْعَادَةِ) فَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا تَعْتَادُ دُخُولَهُ فَلَا تَجِبُ، وَالثَّانِي لَا تَجِبُ إلَّا إذَا اشْتَدَّ الْبَرْدُ، وَعَسِرَ الْغُسْلُ إلَّا فِي الْحَمَّامِ، وَعَلَيْهِ الْغَزَالِيُّ وَحَيْثُ وَجَبَتْ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنَّمَا تَجِبُ فِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً (وَ) الْأَصَحُّ وُجُوبُ (ثَمَنِ مَاءِ غُسْلِ جِمَاعٍ وَنِفَاسٍ) إذَا احْتَاجَتْ إلَى شِرَائِهِ (لَا حَيْضٍ وَاحْتِلَامٍ فِي الْأَصَحِّ)، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحَاجَةَ إلَيْهِ فِي الْأَوَّلِ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ بِخِلَافِهَا فِي الثَّانِي وَيُقَاسُ بِذَلِكَ مَاءُ الْوُضُوءِ، فَيُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَنْ لَمْسِهِ وَغَيْرِهِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِي الْأَوَّلِ يَنْظُرُ إلَى وُجُوبِ التَّمْكِينِ عَلَيْهَا، وَفِي الثَّانِي يَنْظُرُ إلَى حَاجَتِهَا عَلَى أَنَّهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي الِاحْتِلَامِ قَالَ لَا يَلْزَمُ قَطْعًا أَخْذًا مِنْ سِيَاقِ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ، كَمَا أَخَذَ هُنَا مِنْ الْمُحَرَّرِ الْخِلَافَ وَهُوَ صَحِيحٌ فَإِنَّ الْوُجُوبَ مَنْقُولٌ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ, (وَلَهَا) عَلَيْهِ (آلَاتُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَطَبْخٍ كَقِدْرٍ وَقَصْعَةٍ وَكُوزٍ وَجَرَّةٍ وَنَحْوِهَا) كَمِغْرَفَةٍ (وَمَسْكَنٌ) أَيْ وَلَهَا عَلَيْهِ تَهْيِئَةُ مَسْكَنٍ (يَلِيقُ بِهَا) عَادَةً مِن دَارٍ أَوْ حُجْرَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا. (وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مِلْكَهُ) بَلْ يَجُوزُ كَوْنُهُ مُسْتَأْجَرًا وَمُسْتَعَارًا. (وَعَلَيْهِ لِمَنْ يَلِيقُ بِهَا خِدْمَةُ نَفْسِهَا إخْدَامُهَا)، لِأَنَّهُ مِنْ الْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ الْمَأْمُورِ بِهَا، وَالْعِبْرَةُ فِي ذَلِكَ بِحَالِهَا فِي بَيْتِ أَبِيهَا مَثَلًا دُونَ أَنْ تَرْتَفِعَ بِالِانْتِقَالِ إلَى بَيْتِ زَوْجِهَا (بِحُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ أَوْ مُسْتَأْجَرَةٍ أَوْ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى مَنْ صَحِبَتْهَا مِنْ حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ لِخِدْمَةٍ) إنْ رَضِيَ بِهَا (وَسَوَاءٌ فِي هَذَا مُوسِرٌ وَمُعْسِرٌ وَعَبْدٌ) وَمُكَاتَبٌ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْدُمَهَا بِنَفْسِهِ فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّهَا تَسْتَحِيُ مِنْهُ، وَتَتَغَيَّرُ بِذَلِكَ كَصَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهَا وَحَمْلِهِ إلَيْهَا لِلْمُسْتَحَمِّ أَوْ لِلشُّرْبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَلَهُ أَنْ يَفْعَلَ مَا لَا تَسْتَحِيُ مِنْهُ قَطْعًا كَالْكَنْسِ وَالطَّبْخِ وَالْغَسْلِ، (فَإِنْ أَخْدَمَهَا بِحُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ بِأُجْرَةٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهَا) أَيْ غَيْرُ الْأُجْرَةِ (أَوْ بِأَمَتِهِ أَنْفَقَ عَلَيْهَا بِالْمِلْكِ أَوْ بِمَنْ صَحِبَتْهَا لَزِمَهُ نَفَقَتُهَا) وَلُزُومُ نَفَقَتِهَا تَقَدَّمَ فَهُوَ مُكَرَّرٌ (وَجِنْسُ طَعَامِهَا) أَيْ الْمَصْحُوبَةِ (جِنْسُ طَعَامِ الزَّوْجَةِ)، وَقَدْ سَبَقَ (وَهُوَ) فِي الْقَدْرِ (مُدٌّ عَلَى مُعْسِرٍ) كَالْمَخْدُومَةِ لِأَنَّ النَّفْسَ لَا تَقُومُ بِدُونِهِ غَالِبًا (وَكَذَا مُتَوَسِّطٌ) عَلَيْهِ مُدٌّ (فِي الصَّحِيحِ وَمُوسِرٌ مُدٌّ وَثُلُثٌ) اعْتِبَارًا، بِثُلُثَيْ نَفَقَةِ الْمَخْدُومَةِ فِيهِمَا وَقِيلَ عَلَى الْمُتَوَسِّطِ مُدٌّ وَثُلُثٌ كَالْمُوسِرِ، وَقِيلَ وَسُدُسٌ لِيَحْصُلَ التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْمَرَاتِبِ فِي الْخَادِمَةِ كَالْمَخْدُومَةِ وَقِيلَ عَلَى كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ مُدٌّ فَقَطْ, (وَلَهَا) أَيْضًا (كِسْوَةٌ تَلِيقُ بِحَالِهَا) مِنْ قَمِيصٍ وَمِقْنَعَةٍ وَخُفٍّ وَمِلْحَفَةٍ لِحَاجَتِهَا إلَى الْخُرُوجِ وَجُبَّةٍ فِي الشِّتَاءِ لَا سَرَاوِيلَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ. وَيَجِبُ لَهَا مَا تَفْرِشُهُ وَمَا تَتَغَطَّى بِهِ كَقِطْعَةِ لِبْدٍ وَكِسَاءٍ فِي الشِّتَاءِ وبارية فِي الصَّيْفِ وَمِخَدَّةٍ، وَيَكُونُ ذَلِكَ دُونَ مَا يَجِبُ لِلْمَخْدُومَةِ جِنْسًا وَنَوْعًا. (وَكَذَا) لَهَا (أُدْمٌ عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّ الْعَيْشَ لَا يَتِمُّ بِدُونِهِ، وَيَكُونُ مِنْ جِنْسِ أُدْمِ الْمَخْدُومَةِ وَدُونَهُ نَوْعًا وَقَدْرُهُ بِحَسَبِ الطَّعَامِ، وَالثَّانِي لَا أُدْمَ لَهَا وَيُكْتَفَى بِمَا يَفْضُلُ عَنْ الْمَخْدُومَةِ (لَا آلَةَ تَنْظِيفٍ) لِأَنَّ اللَّائِقَ بِهَا أَنْ تَكُونَ شَعِثَةً لِئَلَّا تَمْتَدَّ إلَيْهَا الْأَعْيُنُ (فَإِنْ كَثُرَ وَسَخٌ وَتَأَذَّتْ بِقَمْلٍ وَجَبَ أَنْ تَرِفَّهُ) بِمَا يُزِيلُ ذَلِكَ مِنْ مُشْطٍ وَدُهْنٍ وَغَيْرِهِمَا، (وَمَنْ تَخْدُمُ نَفْسَهَا فِي الْعَادَةِ إنْ احْتَاجَتْ إلَى خِدْمَةٍ لِمَرَضٍ أَوْ زَمَانَةٍ وَجَبَ إخْدَامُهَا) كَمَا ذَكَرَ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً (وَلَا إخْدَامَ لِرَقِيقَةٍ) حَيْثُ لَا حَاجَةَ لِنَقْصِهَا جَمِيلَةً كَانَتْ أَمْ لَا، (وَفِي الْجَمِيلَةِ وَجْهٌ) لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِإِخْدَامِهَا (وَيَجِبُ فِي الْمَسْكَنِ إمْتَاعٌ) لَا تَمْلِيكٌ، كَمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مِلْكَهُ (وَ) فِي (مَا يُسْتَهْلَكُ كَطَعَامٍ تَمْلِيكٌ) كَالْكَفَّارَةِ وَأُلْحِقَ بِهِ نَحْوُهُ كَأُدْمٍ وَدُهْنٍ (وَتَتَصَرَّفُ فِيهِ) أَيْ فِيمَا يُسْتَهْلَكُ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ لِمِلْكِهَا لَهُ، (فَلَوْ قَتَرَتْ بِمَا يَضُرُّهَا مَنَعَهَا) مِنْ ذَلِكَ وَيُمَلِّكُهَا أَيْضًا نَفَقَةَ مَصْحُوبَتِهَا الْمَمْلُوكَةِ لَهَا أَوْ الْحُرَّةِ وَلَهَا أَنْ تَتَصَرَّفَ فِي ذَلِكَ، وَتَكْفِيهَا مِنْ مَالِهَا (وَمَا دَامَ نَفْعُهُ كَكِسْوَةٍ وَظُرُوفِ طَعَامٍ وَمُشْطٍ تَمْلِيكٌ) كَالنَّفَقَةِ. (وَقِيلَ إمْتَاعٌ) لِلِانْتِفَاعِ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ كَالْمِسْكَيْنِ وَالْخَادِمِ فَيَجُوزُ كَوْنُهُ مُسْتَأْجَرًا وَمُسْتَعَارًا عَلَى هَذَا دُونَ الْأَوَّلِ (وَتُعْطَى الْكِسْوَةَ أَوَّلَ شِتَاءٍ وَصَيْفٍ) مِنْ كُلِّ سَنَةٍ. وَمَا يَبْقَى سَنَةً فَأَكْثَرَ كَالْفُرُشِ وَجُبَّةِ الْحَرِيرِ يُجَدَّدُ وَقْتَ تَجْدِيدِهِ عَلَى الْعَادَةِ، (فَإِنْ تَلِفَتْ فِيهِ) أَيْ فِي الشِّتَاءِ أَوْ الصَّيْفِ أَيْ قَبْلَ مُضِيِّهِ، (بِلَا تَقْصِيرٍ لَمْ تُبَدَّلْ إنْ قُلْنَا تَمْلِيكٌ) فَإِنْ قُلْنَا إمْتَاعٌ أُبْدِلَتْ (فَإِنْ مَاتَتْ فِيهِ لَمْ تَرِدْ) عَلَى التَّمْلِيكِ، وَتَرِدُ عَلَى الْإِمْتَاعِ (وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُدَّةٌ فَدَيْنٌ) عَلَى التَّمْلِيكِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْإِمْتَاعِ.

. فَصْلٌ:

(الْجَدِيدُ أَنَّهَا) أَيْ النَّفَقَةَ (تَجِبُ) يَوْمًا فَيَوْمًا (بِالتَّمْكِينِ لَا الْعَقْدِ) وَالْقَدِيمُ تَجِبُ بِالْعَقْدِ وَتَسْتَقِرُّ بِالتَّمْكِينِ فَلَوْ امْتَنَعَتْ مِنْهُ سَقَطَتْ (فَإِنْ اخْتَلَفَا فِيهِ) أَيْ فِي التَّمْكِينِ (صُدِّقَ) عَلَى الْجَدِيدِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَصُدِّقَتْ عَلَى الْقَدِيمِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مَا وَجَبَ. (فَإِنْ لَمْ تَعْرِضْ عَلَيْهِ مُدَّةً)، وَهُوَ سَاكِتٌ عَنْ الطَّلَبِ أَيْضًا (فَلَا نَفَقَةَ فِيهَا) عَلَى الْجَدِيدِ (لِانْتِفَاءِ التَّمْكِينِ)، وَتَجِبُ نَفَقَةُ تِلْكَ الْمُدَّةِ عَلَى الْقَدِيمِ إذْ لَا مُسْقِطَ، (وَإِنْ عَرَضَتْ) عَلَيْهِ كَأَنْ بَعَثَتْ إلَيْهِ أَنِّي مُسْلِمَةٌ نَفْسِي إلَيْك وَالتَّفْرِيعُ عَلَى الْجَدِيدِ، وَهِيَ عَاقِلَةٌ بَالِغَةٌ، (وَجَبَتْ) نَفَقَتُهَا (مِنْ بُلُوغِ الْخَبَرِ) لَهُ (فَإِنْ غَابَ) أَيْ كَانَ غَائِبًا عَنْ بَلَدِهَا وَرَفَعَتْ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ مُظَهِّرَةً لَهُ التَّسْلِيمَ. (كَتَبَ الْحَاكِمُ لِحَاكِمِ بَلَدِهِ لِيُعْلِمَهُ) الْحَالَ (فَيَجِيءُ) لَهَا يَتَسَلَّمُهَا (أَوْ يُوَكِّلُ) مَنْ يَجِيءُ لَهَا يَتَسَلَّمُهَا، وَتَجِبُ النَّفَقَةُ مِنْ وَقْتِ التَّسْلِيمِ وَيَكُونُ الْمَجِيءُ بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ حِينَ عِلْمِهِ بِالْحَالِ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ، (فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ) مَا ذَكَرَ (وَمَضَى زَمَنُ وُصُولِهِ) إلَيْهَا (فَرَضَهَا الْقَاضِي) فِي مَالِهِ وَجُعِلَ كَالْمُتَسَلِّمِ لَهَا لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْهُ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُ، لِلرَّفْعِ إلَى الْحَاكِمِ وَكَتْبِهِ بَلْ قَالُوا تَجِبُ النَّفَقَةُ مِنْ حِينِ يَصِلُ الْخَبَرُ إلَيْهِ، وَيَمْضِي زَمَانُ إمْكَانِ الْقُدُومِ عَلَيْهَا حَكَاهُ فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِلشَّرْحِ (وَالْمُعْتَبَرُ فِي مَجْنُونَةٍ وَمُرَاهِقَةٍ عَرْضُ وَلِيٍّ) لَهُمَا وَلَا عِبْرَةَ بِعَرْضِهِمَا أَنْفُسَهُمَا عَلَى الزَّوْجِ. نَعَمْ لَوْ سَلَّمَتْ الْمُرَاهِقَةُ نَفْسَهَا فَتَسَلَّمَهَا الزَّوْجُ وَنَقَلَهَا إلَى دَارِهِ وَجَبَتْ النَّفَقَةُ (وَتَسْقُطُ) النَّفَقَةُ (بِنُشُوزٍ) أَيْ خُرُوجٍ عَنْ طَاعَةِ الزَّوْجِ. (وَلَوْ بِمَنْعِ لَمْسٍ بِلَا عُذْرٍ) أَيْ تَسْقُطُ نَفَقَةُ كُلَّ يَوْمٍ بِالنُّشُوزِ بِلَا عُذْرٍ فِي كُلِّهِ، وَكَذَا فِي بَعْضِهِ فِي الْأَصَحِّ وَنُشُوزُ الْمَجْنُونَةِ وَالْمُرَاهِقَةِ كَالْعَاقِلَةِ الْبَالِغَةِ، (وَعَبَالَةِ زَوْجٍ) أَيْ كِبَرِ آلَتِهِ بِحَيْثُ لَا تَحْمِلُهَا الزَّوْجَةُ، (أَوْ مَرَضٍ) بِهَا (يَضُرُّ مَعَهُ الْوَطْءُ عُذْرٌ) فِي النُّشُوزِ عَنْ الْوَطْءِ (وَالْخُرُوجُ مِنْ بَيْتِهِ بِلَا إذْنٍ) مِنْهُ (نُشُوزٌ) لِأَنَّ لَهُ عَلَيْهَا حَقَّ الْحَبْسِ فِي مُقَابِلَةِ وُجُوبِ النَّفَقَةِ، (إلَّا أَنْ يُشْرِفَ عَلَى انْهِدَامٍ) فَتَخْرُجُ خَوْفًا مِنْ الضَّرَرِ (وَسَفَرُهَا بِإِذْنِهِ مَعَهُ) لِحَاجَتِهِ أَوْ لِحَاجَتِهَا، (أَوْ) وَحْدَهَا (لِحَاجَتِهِ لَا يُسْقِطُ) النَّفَقَةَ (وَلِحَاجَتِهَا يُسْقِطُ فِي الْأَظْهَرِ) لِانْتِفَاءِ التَّمْكِينِ وَالثَّانِي لَا تَسْقُطُ لِإِذْنِهِ فِي السَّفَرِ وَمِنْهُمْ مَنْ أَجْرَى الْقَوْلَيْنِ فِي سَفَرِهَا لِحَاجَتِهَا مَعَهُ.
(وَلَوْ نَشَزَتْ فَغَابَ فَأَطَاعَتْهُ) كَأَنْ خَرَجَتْ مِنْ بَيْتِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ ثُمَّ عَادَتْ بَعْدَ غَيْبَتِهِ، (لَمْ تَجِبُ) نَفَقَتُهَا زَمَنَ الطَّاعَةِ (فِي الْأَصَحِّ) لِانْتِفَاءِ التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ، وَالثَّانِي تَجِبُ لِعَوْدِهَا إلَى الطَّاعَةِ (وَطَرِيقُهَا) عَلَى الْأَوَّلِ فِي الْوُجُوبِ، (أَنْ يَكْتُبَ الْحَاكِمُ) بَعْدَ رَفْعِهَا الْأَمْرَ إلَيْهِ (كَمَا سَبَقَ) أَيْ لِحَاكِمِ بَلَدِهِ لِيُعْلِمَهُ بِالْحَالِ فَإِنْ عَادَ أَوْ وَكِيلُهُ وَاسْتَأْنَفَ تَسْلِيمَهَا عَادَتْ النَّفَقَةُ وَإِنْ مَضَى زَمَنُ إمْكَانِ الْعَوْدِ وَلَمْ يُوجَدْ عَادَتْ أَيْضًا (وَلَوْ خَرَجَتْ فِي غَيْبَتِهِ لِزِيَارَةٍ) لِأَهْلِهَا (وَنَحْوِهَا)، كَعِيَادَةٍ لَهُمْ (لَمْ تَسْقُطْ) نَفَقَتُهَا مُدَّةَ ذَلِكَ قَالَهُ الْبَغَوِيُّ (وَالْأَظْهَرُ أَنْ لَا نَفَقَةَ لِصَغِيرَةٍ) لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ لِتَعَذُّرِهِ لِمَعْنَى فِيهَا كَالنَّاشِزَةِ، وَالثَّانِي تَسْتَحِقُّهَا وَهِيَ مَعْذُورَةٌ فِي فَوَاتِ وَطْئِهَا كَالْمَرِيضَةِ، وَالرَّتْقَاءِ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْمَرَضَ يَطْرَأُ وَيَزُولُ وَالرَّتْق مَانِعٌ دَائِمٌ قَدْ رَضِيَ بِهِ، وَالْخِلَافُ حَيْثُ عُرِضَتْ عَلَى الزَّوْجِ أَوْ سُلِّمَتْ لَهُ وَإِلَّا فَالْحُكْمُ مَا سَبَقَ فِي الْكَبِيرَةِ، وَشَمَلَتْ الْعِبَارَةُ مَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ صَغِيرًا أَيْضًا وَهُوَ أَوْلَى بِعَدَمِ الْوُجُوبِ مِنْ الْكَبِيرِ (وَ) الْأَظْهَرُ (أَنَّهَا تَجِبُ لِكَبِيرَةٍ عَلَى صَغِيرٍ) لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ الْجِمَاعُ، وَقَدْ عَرَضَتْ نَفْسَهَا عَلَى وَلِيِّهِ لِأَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ جِهَتِهَا، وَالْمَانِعُ مِنْ جِهَتِهِ وَالثَّانِي لَا تَجِبُ وَهُوَ مَعْذُورٌ فِي فَوَاتِ الْجِمَاعِ عَلَيْهِ (وَإِحْرَامُهَا بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ بِلَا إذْنٍ) مِنْ الزَّوْجِ (نُشُوزٌ لَمْ يَمْلِكْ تَحْلِيلَهَا) بِأَنْ كَانَ مَا أَحْرَمَتْ بِهِ فَرْضًا عَلَى قَوْلٍ (وَإِنْ مَلَكَ) تَحْلِيلَهَا بِأَنْ كَانَ مَا أَحْرَمَتْ بِهِ تَطَوُّعًا أَوْ فَرْضًا عَلَى الْأَظْهَرِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَجِّ (فَلَا) أَيْ فَلَيْسَ إحْرَامُهَا بِنُشُوزٍ، (حَتَّى تَخْرُجَ فَمُسَافِرَةٌ لِحَاجَتِهَا)، فَإِنْ سَافَرَتْ بِإِذْنِهِ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا فِي الْأَظْهَرِ كَمَا تَقَدَّمَ. أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَنَاشِزَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ أَنَّ خُرُوجَهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ نُشُوزٌ (أَوْ) أَحْرَمَتْ بِمَا ذَكَرَ. (بِإِذْنٍ فَفِي الْأَصَحِّ لَهَا نَفَقَةٌ مَا لَمْ تَخْرُجْ) لِأَنَّهَا فِي قَبْضَتِهِ وَالثَّانِي لَا نَفَقَةَ لِفَوَاتِ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا وَدُفِعَ أَنَّ فَوَاتَهُ لِسَبَبٍ أَذِنَ هُوَ فِيهِ، فَإِذَا خَرَجَتْ فَمُسَافِرَةٌ لِحَاجَتِهَا، فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ مَعَهَا لَمْ تَسْقُطْ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَإِلَّا فَتَسْقُطُ عَلَى الْأَظْهَرِ كَمَا تَقَدَّمَ وَسَوَاءٌ خَرَجَتْ بِإِذْنِهِ أَمْ بِغَيْرِ إذْنِهِ لِوُجُودِ الْإِذْنِ فِي الْإِحْرَامِ.
(وَيَمْنَعُهَا) الزَّوْجُ (صَوْمَ نَفْلٍ) مُطْلَقٍ وَلَهُ قَطْعُهُ إنْ شَرَعَتْ فِيهِ (فَإِنْ أَبَتْ) بِأَنْ فَعَلَتْهُ عَلَى خِلَافِ مَنْعِهِ. (فَنَاشِزَةٌ فِي الْأَظْهَرِ) لِامْتِنَاعِهَا مِنْ التَّمْكِينِ بِمَا فَعَلَتْهُ. وَالثَّانِي لَا لِأَنَّهَا فِي قَبْضَتِهِ وَلَهُ إخْرَاجُهَا مِنْهُ مَتَى شَاءَ وَتَبِعَ الْمُحَرَّرُ فِي حِكَايَةِ الْخِلَافِ قَوْلَيْنِ وَهُوَ فِي الرَّوْضَةِ وَالشَّرْحَيْنِ وَجْهَانِ وَصَوَّبَ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ قَضَاءَهُ لَا يَتَضَيَّقُ) كَأَنْ لَمْ يَعْتَدَّ بِالْفِطْرِ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ شَعْبَانَ أَكْثَرُ مِنْ الْفَائِتِ، (كَنَفْلٍ فَيَمْنَعُهَا) مِنْهُ إلَى أَنْ يَتَضَيَّقَ وَلَهُ إلْزَامُهَا الْفِطْرَ إنْ شَرَعَتْ فِيهِ قَبْلَ التَّضَيُّقِ، فَإِنْ أَبَتْ فَكَمَا تَقَدَّمَ. وَالثَّانِي أَنَّهُ لَيْسَ كَالنَّفْلِ فَلَا يَمْنَعُهَا مِنْهُ وَعَلَى هَذَا فِي سُقُوطِ النَّفَقَةِ بِفِعْلِهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا فِي الرَّوْضَةِ السُّقُوطُ أَمَّا الْأَدَاءُ، وَالْقَضَاءُ الَّذِي يُضَيِّقُ فَلَا تُمْنَعُ مِنْهُ وَتَجِبُ نَفَقَةُ زَمَانِهِ وَفِي وَجْهٍ جَزَمَ بِهِ الْمُتَوَلِّي لَا تَجِبُ نَفَقَةُ قَضَاءِ مَا تَعَدَّدَتْ فِيهِ بِالْفِطْرِ لِتَعَدِّيهَا، (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَا مَنْعَ مِنْ تَعْجِيلِ مَكْتُوبَةٍ أَوَّلَ وَقْتٍ) لِتَحُوزَ فَضِيلَةَ أَوَّلِ الْوَقْتِ (وَسُنَنٍ رَاتِبَةٍ) لِتَأَكُّدِهَا بِخِلَافِ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ الْأَصَحُّ يُنْظَرُ إلَى أَنَّهُ نَفْلٌ.
(فَرْعٌ): صَوْمُ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ كَالنَّفْلِ الْمُطْلَقِ فَيَمْنَعُهَا مِنْهُ قَطْعًا وَصَوْمُ عَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ كَالرَّوَاتِبِ فَلَا يَمْنَعُهَا مِنْهُ فِي الْأَصَحِّ وَصَوْمُ النَّذْرِ الْمُنْشَأُ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَصَوْمِ النَّفْلِ فِيمَا تَقَدَّمَ فِيهِ.
(وَيَجِبُ لِلرَّجْعِيَّةِ الْمُؤَنُ) مِنْ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ وَغَيْرِهِمَا لِبَقَاءِ حَبْسِ الزَّوْجِ عَلَيْهَا وَسَلْطَنَتِهِ، (إلَّا مُؤْنَةَ تَنَظُّفٍ) فَلَا تَجِبُ لَهَا لِامْتِنَاعِ الزَّوْجِ عَنْهَا وَسَوَاءٌ فِي الْوُجُوبِ الْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ وَالْحَائِلُ وَالْحَامِلُ، (فَلَوْ ظُنَّتْ حَامِلًا فَأَنْفَقَ فَبَانَتْ حَائِلًا اسْتَرْجَعَ مَا دَفَعَ بَعْدَ عِدَّتِهَا) وَتُصَدَّقُ فِي قَدْرِ أَقْرَائِهَا بِالْيَمِينِ إنْ كَذَّبَهَا وَإِلَّا فَلَا يَمِينَ، (وَالْحَائِلُ الْبَائِنُ بِخُلْعٍ أَوْ ثَلَاثٍ لَا نَفَقَةَ وَلَا كِسْوَةَ)، لَهَا لِانْتِفَاءِ سَلْطَنَةِ الزَّوْجِ عَلَيْهَا، (وَتَجِبَانِ لِحَامِلٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} (لَهَا) أَيْ لِنَفْسِهَا بِسَبَبِ الْحَمْلِ (وَفِي قَوْلِهِ لِلْحَمْلِ) نَفْسِهِ وَهِيَ طَرِيقٌ فِي الْوُصُولِ إلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يَتَغَذَّى بِغِذَائِهَا. (فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا تَجِبُ لِحَامِلٍ عَنْ شُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ) وَتَجِبُ عَلَى الثَّانِي لَهَا عَلَى الْوَاطِئِ لِأَنَّ الْحَمْلَ لَهُ، (قُلْت لَا نَفَقَةَ لِمُعْتَدَّةِ وَفَاةٍ وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ لِأَنَّهَا بَانَتْ، وَالْحَمْلُ الْقَرِيبُ يَسْقُطُ نَفَقَتُهُ بِالْمَوْتِ (وَنَفَقَةُ الْعِدَّةِ مُقَدَّرَةٌ كَزَمَنِ النِّكَاحِ وَقِيلَ تَجِبُ الْكِفَايَةُ) فَيُزَادُ وَيُنْقَصُ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ وَالرَّاجِحُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا بِالْأَوَّلِ، (وَلَا يَجِبُ دَفْعُهَا قَبْلَ ظُهُورِ حَمْلٍ) سَوَاءٌ جُعِلَتْ لَهَا أَمْ لَهُ، (فَإِذَا ظَهَرَ وَجَبَ) دَفْعُهَا (يَوْمًا بِيَوْمٍ وَقِيلَ) إنَّمَا يَجِبُ دَفْعُهَا (حِينَ تَضَعُ) فَتُدْفَعُ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَالْأَوَّلُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يُعْرَفُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ، وَالثَّانِي عَلَى مُقَابِلِهِ، وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا حِكَايَةُ خِلَافِ الْمَسْأَلَتَيْنِ قَوْلَيْنِ (وَلَا تَسْقُطُ) نَفَقَةُ الْعِدَّةِ (بِمُضِيِّ الزَّمَانِ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَقِيلَ فِي الْحَامِلِ خِلَافٌ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ النَّفَقَةَ لَهَا أَوْ لِلْحَمْلِ إنْ قُلْنَا بِالثَّانِي سَقَطَتْ لِأَنَّ نَفَقَةَ الْقَرِيبِ تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ.

. فَصْلٌ:

(أَعْسَرَ بِهَا) أَيْ بِالنَّفَقَةِ كَأَنْ تَلِفَ مَالُهُ أَوْ غُصِبَ. (فَإِنْ صَبَرَتْ) بِهَا بِأَنْ أَنْفَقَتْ مِنْ مَالِهَا أَوْ مِمَّا اقْتَرَضَتْهُ، (صَارَتْ دَيْنًا عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَهَا الْفَسْخُ عَلَى الْأَظْهَرِ) كَمَا تَفْسَخُ بِالْجَبِّ وَالْعُنَّةِ بَلْ هَذَا أَوْلَى لِأَنَّ الصَّبْرَ عَنْ الِاسْتِمْتَاعِ أَسْهَلُ مِنْ الصَّبْرِ عَلَى النَّفَقَةِ، وَالثَّانِي لَا فَسْخَ لَهَا لِأَنَّ الْمُعْسِرَ مُنْظَرٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إلَى مَيْسَرَةٍ}. (وَالْأَصَحُّ أَنْ لَا فَسْخَ) لَهَا (بِمَنْعِ مُوسِرٍ حَضَرَ أَوْ غَابَ) بِأَنْ لَمْ يُوَفِّهَا حَقَّهَا لِانْتِفَاءِ الْإِعْسَارِ الْمُثْبِتِ لِلْفَسْخِ وَهِيَ مُتَمَكِّنَةٌ مِنْ تَحْصِيلِ حَقِّهَا بِالْحَاكِمِ، وَالثَّانِي لَهَا الْفَسْخُ لِتَضَرُّرِهَا بِالْمَنْعِ (وَلَوْ حَضَرَ وَغَابَ مَالُهُ فَإِنْ كَانَ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ) فَمَا فَوْقَهَا (فَلَهَا الْفَسْخُ وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ دُونَهَا (فَلَا يُؤْمَرُ بِالْإِحْضَارِ) عَاجِلًا (وَلَوْ تَبَرَّعَ رَجُلٌ بِهَا لَمْ يَلْزَمْهَا الْقَبُولُ)، لِمَا فِيهِ مِنْ مِنَّةِ التَّبَرُّعِ، (وَقُدْرَتُهُ عَلَى الْكَسْبِ كَالْمَالِ)، فَلَوْ كَانَ يَكْسِبُ كُلَّ يَوْمٍ قَدْرَ النَّفَقَةِ فَلَا خِيَارَ لَهَا، فَإِنَّ النَّفَقَةَ هَكَذَا تَجِبُ وَلَوْ كَانَ يَكْسِبُ فِي يَوْمٍ مَا يَكْفِي لِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ثُمَّ لَا يَكْسِبُ فِي يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ثُمَّ يَكْسِبُ فِي يَوْمٍ مَا يَكْفِي لِلْأَيَّامِ الْمَاضِيَةِ، فَلَا خِيَارَ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمُعْسِرٍ وَلَا تَشُقُّ الِاسْتِدَانَةُ لِمِثْلِ هَذَا التَّأْخِيرِ الْيَسِيرِ. (وَإِنَّمَا تَفْسَخُ بِعَجْزٍ عَنْ نَفَقَةِ مُعْسِرٍ) فَلَوْ عَجَزَ عَنْ نَفَقَةِ الْمُوسِرِ أَوْ الْمُتَوَسِّطِ فَلَا خِيَارَ لِأَنَّ وَاجِبَهُ الْآنَ نَفَقَةُ الْمُعْسِرِ (وَالْإِعْسَارُ بِالْكِسْوَةِ كَهُوَ بِالنَّفَقَةِ) لِأَنَّ النَّفْسَ لَا تَبْقَى بِدُونِهِ، (وَكَذَا بِالْأُدْمِ وَالْمَسْكَنِ فِي الْأَصَحِّ) لِلْحَاجَةِ إلَيْهِمَا وَالتَّضَرُّرِ بِعَدَمِهِمَا، (قُلْت الْأَصَحُّ الْمَنْعُ فِي الْأُدْمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِقِيَاسِ النَّفْسِ بِدُونِهِ وَوُجِّهَ الْمَنْعُ فِي الْمَسْكَنِ بِذَلِكَ أَيْضًا، وَهُوَ بَعِيدٌ (وَفِي إعْسَارِهِ بِالْمَهْرِ أَقْوَالٌ أَظْهَرُهَا تَفْسَخُ قَبْلَ وَطْءٍ لَا بَعْدَهُ)، لِبَقَاءِ الْمُعَوَّضِ قَبْلَ الْوَطْءِ وَتَلَفِهِ بَعْدَهُ كَبَقَاءِ الْمَبِيعِ فِي يَدِ الْمُفْلِسِ وَتَلَفِهِ، وَالثَّانِي تَفْسَخُ فِي الْحَالَتَيْنِ بِنَاءً فِي الثَّانِيَةِ عَلَى أَنَّ الْمَهْرَ فِي مُقَابَلَةِ جَمِيعِ الْوَطْئَاتِ، وَلَمْ تَسْتَوْفِ كَبَقَاءِ بَعْضِ الْمَبِيعِ فِي يَدِ الْمُفْلِسِ وَالثَّالِثُ لَا تَفْسَخُ فِي الْحَالَتَيْنِ لِأَنَّ الْمَهْرَ لَيْسَ عَلَى الْأَعْوَاضِ حَتَّى تَفْسَخَ الْعَقْدَ بِتَعَذُّرِهِ. (وَلَا فَسْخَ حَتَّى يَثْبُتَ عِنْدَ قَاضٍ إعْسَارُهُ) بِإِقْرَارِهِ أَوْ بَيِّنَةٍ فَلَا بُدَّ مِنْ الرَّفْعِ إلَى الْقَاضِي، (فَيَفْسَخُهُ) بَعْدَ الثُّبُوتِ (أَوْ يَأْذَنُ لَهَا فِيهِ) وَلَيْسَ لَهَا مَعَ عِلْمِهَا بِالْعَجْزِ الْفَسْخُ قَبْلَ الرَّفْعِ إلَى الْقَاضِي وَلَا بَعْدَهُ قَبْلَ إذْنٍ فِيهِ، (ثُمَّ فِي قَوْلٍ يُنَجَّزُ الْفَسْخُ) لِلْإِعْسَارِ بِالنَّفَقَةِ وَقْتَ وُجُوبِ تَسْلِيمِهَا وَهُوَ طُلُوعُ الْفَجْرِ وَلَا يَلْزَمُ الْإِمْهَالُ بِالْفَسْخِ، (وَالْأَظْهَرُ إمْهَالُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ)، لِيَتَحَقَّقَ عَجْزُهُ وَهِيَ مُدَّةٌ قَرِيبَةٌ يُتَوَقَّعُ فِيهَا الْقُدْرَةُ بِقَرْضٍ أَوْ غَيْرِهِ. (وَلَهَا الْفَسْخُ صَبِيحَةَ الرَّابِعِ) بِنَفَقَتِهِ (إلَّا أَنْ يُسَلِّمَ نَفَقَتَهُ) وَلَا فَسْخَ بِمَا مَضَى، (وَلَوْ مَضَى يَوْمَانِ بِلَا نَفَقَةٍ وَأَنْفَقَ الثَّالِثَ وَعَجَزَ الرَّابِعَ بَنَتْ) عَلَى الْيَوْمَيْنِ وَفَسَخَتْ صَبِيحَةَ الْخَامِسِ، (وَقِيلَ تَسْتَأْنِفُ) الثَّلَاثَةَ فَلَا تَفْسَخُ إلَّا صَبِيحَةَ السَّابِعِ، (وَلَهَا الْخُرُوجُ زَمَنَ الْمُهْلَةِ لِتَحْصِيلِ النَّفَقَةِ)، بِكَسْبٍ أَوْ سُؤَالٍ وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ ذَلِكَ لِانْتِفَاءِ الْإِنْفَاقِ الْمُقَابِلِ لِحَبْسِهَا، (وَعَلَيْهَا الرُّجُوعُ لَيْلًا) لِأَنَّهُ وَقْتُ الدَّعَةِ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَلَيْسَ لَهَا مَنْعُهُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا، وَقَالَ الْبَغَوِيُّ لَهَا مَنْعُهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ أَقْرَبُ.
(وَلَوْ رَضِيَتْ بِإِعْسَارِهِ) الْعَارِضِ (أَوْ نَكَحَتْهُ عَالِمَةً بِإِعْسَارِهِ فَلَهَا الْفَسْخُ بَعْدَهُ) لِأَنَّ الضَّرَرَ يَتَجَدَّدُ وَلَا أَثَرَ لِقَوْلِهَا رَضِيَتْ بِإِعْسَارِهِ أَبَدًا، فَإِنَّهُ وَعْدٌ لَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ، (وَلَوْ رَضِيَتْ بِإِعْسَارِهِ بِالْمَهْرِ فَلَا) أَيْ فَلَيْسَ لَهَا الْفَسْخُ بِذَلِكَ بَعْدَ الرِّضَا بِهِ، لِأَنَّ الضَّرَرَ لَا يَتَجَدَّدُ وَكَذَا لَوْ نَكَحَتْهُ عَالِمَةً بِإِعْسَارِهِ بِالْمَهْرِ لَيْسَ لَهَا الْفَسْخُ بِذَلِكَ فِي الْأَصَحِّ (وَلَا فَسْخَ لِوَلِيِّ صَغِيرَةٍ وَمَجْنُونَةٍ بِإِعْسَارٍ بِمَهْرٍ وَنَفَقَةٍ) لِأَنَّ الْفَسْخَ بِذَلِكَ مُتَعَلِّقٌ بِالشَّهْوَةِ وَالطَّبْعِ وَهُوَ لِلْمَرْأَةِ لَا مَدْخَلَ لِلْوَلِيِّ فِيهِ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِمَا مِنْ مَالِهِمَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَالٌ فَنَفَقَتُهُمَا عَلَى مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُمَا قَبْلَ النِّكَاحِ (وَلَوْ أَعْسَرَ زَوْجُ أَمَةٍ بِالنَّفَقَةِ فَلَهَا الْفَسْخُ) لِأَنَّهُ حَقُّهَا (فَإِنْ رَضِيَتْ) بِإِعْسَارِهِ (فَلَا فَسْخَ لِلسَّيِّدِ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لَهُ الْفَسْخُ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِي النَّفَقَةِ لَهُ وَضَرَرُ فَوَاتِهَا يَعُودُ إلَيْهِ وَأَجَابَ الْأَوَّلَ بِأَنَّهَا فِي الْأَصْلِ لَهَا وَيَتَلَقَّاهَا السَّيِّدُ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا لَا تُمْلَكُ، (وَلَهُ) أَيْ لِلسَّيِّدِ بِنَاءً عَلَى الْفَسْخِ (أَنْ يُلْجِئَهَا إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْفَسْخِ، (بِأَنْ لَا يُنْفِقَ عَلَيْهَا وَيَقُولُ) لَهَا (افْسَخِي أَوْ جُوعِي) فَإِذَا فَسَخَتْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا وَاسْتَمْتَعَ بِهَا أَوْ زَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِهِ وَكَفَى نَفْسَهُ مُؤْنَتَهَا.